عرب البحر ، على طريق السندباد من موانئ الجزيرة العربية إلى جزيرة زنجبار / جوردي استيفا

يقال عادة “أن العرب شعب صحراوي” إلا أنه بالنسبة للكاتب الاسباني جوردي استيفا “عرب أهل بحر” ويؤكد ذلك عبر حكايات رحلة في الزمان والمكان، تعيد كتابة الماضي من منظور الحاضر، بحثا عن ذلك الماضي المزدهر الحضارة عربية إسلامية قامت على امتلاك العرب فنون البحر فحولت المحيط الهندي إلى بحر عربي، قامت على ضفافه حضارة امتدت من شواطئ الجزيرة العربية على البحر الأحمر وبحر العرب وحتى شرق أفريقيا، حضارة ابنة الرياح الموسمية التي احتكر أسرارها البحارة العرب، ومن خلال رحلاتهم انتقل الإسلام حتى الصين دون معارك أو غزوات.

بدأت حكايات هذا الكتاب / الرحلة كمغامرة قام بها الكاتب عام ١٩٧٧ لاستعادة أحلام عاشها طفلاً في مدن “مغامرات السندباد” الأسطورية: سواكن ومخا أو قلهات على شوطئ البحر الأحمر، لتجذبه بعد ربع قرن إلى موانئ أسطورية أخرى في اليمن وعُمان، ومنها إلى مومباسا ولامو وزنجبار على الشاطئ الشرقي لأفريقيا التي كانت جزءا من إمبراطورية عربية إسلامية استمرت لقرون، وشكلت مشاهد من حكايات رحالة سابقين من ابن بطوطة في القرن الرابع عشر، إلى وليفريد ثيزنجر بعده بستة قرون.

عرب البحر” نموذج لأدب الرحلة بكل ما يعنيه هذا التعبير، اندمج خلاله الكاتب في واقع مختلف عاد به إلى قرون مضت، ورغم ما طرأ عليه من” تغييرات فإن الكاتب يقدم وصفا رائعا لعرب أسطوريين محاولاً استعادتهم قبل أن تختفي آخر آثارهم تحت وقع الحداثة.

يكشف هذا الكتاب أيضا عن مأساة اقتلاع الثقافة العربية الإسلامية من شرق أفريقيا في الستينيات من القرن العشرين بتخطيط من الاستعمار البريطاني تحت مسمى ثوري، مأساة وقعت ولا يذكرها التاريخ الرسمي وإن كان أحفاد العرب هناك لا يزالون يعيشونها اليوم وكأنها وقعت بالأمس.