تغطي هذه المذكرات الشخصية فترة مهمة من تاريخ إمارة أبو ظبي ما بين أعوام 1954-1958 قبل اكتشاف النفط عام 1958م. تقول الكاتبة التي كانت سافرت مع زوجها الذي يعمل في شركة النفط البريطانية التي أصبحت لاحقا “بريتش بتروليوم” (BP) كانت الحياة صعبة ، وقد عاش السكان يفتقدون إلى كثير من المواد الاساسية ، مثل الغذاء والدواء على مدار العام، فلم يكن هناك مرافئ أو مطارات او مستشفيات قد شيدت، ولا طرقات معبدة. ولكن بالرغم من ذلك كانت روح النزاهة والكرم تعم المكان واهله وكان التقدير كبيراً لتقاليد المجتمع وقيمه.
كانت سوزان هِليارد هي المرأة الاوربية الوحيدة في أبو ظبي في ذلك الوقت وكانت مذكراتها اليومية السجل الوحيد عن الحياة هناك وهي تصف المجتمع بأكمله من الشيوخ وعائلاتهم الى السكان الذين يعيش أكثرهم في فقرٍ مدقع، وذلك بأسلوبٍ خالٍ من الرسميات والتكلّف. ولانها كانت تتقن اللغة العربية فقد اندمجت مع السكان في شتى مجالات حياتهم وكتبت تقول “لقد تقبّلوني بالرغم من غرابتي واصبح الغريب صديقا” فكانت تزور النساء من مختلف طبقات المجتمع وبمن فيهن نساء العائلة الحاكمة وخاصة الشيخة سلّامة والدة الشيخ شخبوط، وتوطدت بينهما علاقة صداقة قوية. وتتحدث في هذه المذكرات عن نمو فهمها للمجتمع بدقة وبالرغم من الصورة النمطية السائدة عن العرب في الغرب آنذاك.
توفر مذكرات هِليارد نظرة عميقة الى انماط المعيشة اليومية لسكان أبو ظبي وعاداتهم وامورهم الصحية وطرق العناية بالاطفال وكيفية تأمين الطعام الذي لا يتوفر دائما، كما تصف طريقة بناء اكواخ العريش (البارستي) في وقت قل أن تجد فيه أبنية حجرية حديثة أو مدارس او عيادات طبية والتي انتشرت فيما بعد مع النمو الإقتصادي. كما تصف مشاق التنقل بين المناطق المختلفة لعدم وجود الطرق المعبدة واللجوء إلى استخدام سيارات الدفع الرباعي “اللاندروڤر” للإنتقال عبر السبخة في البر او الملاحة بالداو (السفن الشراعية) في موازاة الشاطئ.
وقد كتبت هذا الكتاب في البدء كبحث أكاديمي ثم طورته إلى أن اصبح اليوم كما هو الأن بشكل مذكرات وذلك بتشجيع من الشيخ زايد آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة والذي أراد منه ان يحفظ ذاكرة أبو ظبي قبل اكتشاف النفط للاجيال المقبلة ليساعدها على تفهّم نمط المعيشة في الماضي القريب. ولذا يعتبر هذا الكتاب مرجعاً قيِّماً للبحوث الاجتماعية والتاريخية وهو مرجع ساعد في مشروع ترميم قصر الحصن.
ولدت سوزان وات هِليارد في المملكة المتحدة عام 1926 ودرست مادة التاريخ في جامعة اوكسفورد. تعرفت على تِمبل (تيم) هِليارد بعد عدة سنوات وتزوجا. وانتقلا الى العراق بعد فترة قصيرة حيث كان تيم يعمل في شركة النفط التي اصبحت بي بي BP فيما بعد. وفي العراق درّست الانكليزية والتاريخ في كلية الملكة عالية بجامعة بغداد. وعندما نُقِل عمل تيم الى ابو ظبي في 1953 التحقت به مع ابنتهما الرضيعة دِبورا واستقروا جميعاً هناك حتى اكتشاف النفط عام 1958 . ثم انتقلت العائلة بعد ذلك الى كندا ثم الاسكا وليبيا واستراليا ومالطا. عادت سوزان بعد وفاة تيم الى داربيشاير في انكلترا حيث عملت في التدريس الذي كانت تشغف به دائماً، توفيت سوزان في فبراير 2014 وقد مُنحت جائزة ابو ظبي بعد وفاتها في عام 2015 مكافاةً على كتابة هذه المذكرات.
صفحات الكتاب البالغة 259 تتضمن 24 صفحة جديدة من الصور للسكان والمواقع في أبو ظبي ودبي والشارقة والساحل والتي لم يسبق نشرها من قبل والتي تغطي الفترة 1947 الى 1958
الطبعة العربية الجديدة 2018
ISBN 978-1-910489-35-2
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.