
رجع الصدى (ديوان شعر) / سالم خالد مجبل الرميضي
صدر حديثا
تمضي الأيام، ونحسب أننا نبتعد عن البدايات، فإذا بنا نعود إليها، لكن بوجه آخر ورؤية جديدة.
فالكلمات التي سطرت بالأمس تعود لتبعث اليوم والأصداء التي ترددت في فضاء بعيد تستيقظ مرة أخرى في قلب حاضر مختلف.
هكذا يتناول الأبناء ما خطّه الآباء، لا ليكرروه، بل ليعيدوا تشكيله بروح جديدة تمزج الماضي بالحاضر في امتداد طبيعي للحرف والمشاعر.
بين يديك، قارئي الكريم، ديوان رجع الصدى، الذي يحتضن بين صفحاته ديوانا آخر هو صدى الأشجان لوالدي العزيز، الدكتور خالد مجبل الرميضي، حفظه الله.
وكأنما هو امتداد لصوت بدأه الأب، فجاء الابن ليعيد تردیده، في حوار شعري يعبر الزمن، ويحمل صدى المشاعر والتجارب بين جيلين.
لقد جاءت تسمية الديوان مستلهمة من ظاهرة الصدى ورجعه، حيث إن الصوت حين يرتد للمرة الأولى فإن ذلك الارتداد يُعرف بالصدى ، ولكنه إذا ارتد مرة أخرى بعد انعكاسه عن سطح آخر، فإنه يُسمى رجع الصدى.
وهكذا، كما يتردد الصوت عبر الفضاء في سلسلة من الارتدادات، تتردد المشاعر والتجارب في الشعر ، فتتجدد مع الزمن، ويكتسب كل صدى بعده الخاص، تماما كما أصداء الكلمات التي بدأت في ديوان والدي فتردد رجعها في هذا الديوان.
حين كتب والدي ديوانه صدى الأشجان، كان ذلك انعكاسا لتجربته بالغربة أثناء دراسته العليا في تسعينيات القرن الماضي، متنقلا بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة ، حيث صاغ قصائده بمداد الحنين، وحفر في أبياته ذكريات الرحلة والمواقف التي عاشها، حتى اختتم تلك التجربة بالحصول على درجة الدكتوراه من جامعة مانشستر العريقة.
واليوم، وبعد قرابة ربع قرن، أراني أخطو في الطريق ذاته، مغتربا في بريطانيا في رحلة الدراسات العليا أيضا.
وبينما أعايش تفاصيل الغربة بكل ما تحمله من شوق وتأملات، تسللت إلي أصداء ما كتبه والدي، فوجدتني أستنطقها من جديد، لا لأكررها ، بل لأضيف إليها رؤيتي الخاصة، وأمنحها صوتًا آخر ينتمي إلى حيز زمني مختلف.
وهكذا جاء هذا الديوان ليجمع بين قصيدتين في قصيدة، وبين تجربتين في تجربة، حيث يلتقي الماضي بالحاضر، ويتحاور صدى المشاعر في لغة ملؤها الشعر.
وقد حرصت على إبقاء الديوان في سياقه الطبيعي دون تقسيم إلى فصول، فاكتفيت بتذييل كل قصيدة بما يحدد صاحبها
من صدى الأشجان د. خالد مجبل الرميضي.
رجع الصدى) سالم خالد الرميضي.
وما هذا إلا صورة من صور الامتداد بين الأب وابنه مصداقا لقوله تعالى : (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ)، حيث تتناقل الأجيال أصواتها وأحلامها عبر الزمن، فتظل الكلمة باقية والصدى ممتدا.
هذا وأسأل الله أن يكون الديوان شاهدًا على تجربة شعرية ممتدة خلال جيلين، موثقة بالشعر حوارًا أدبيا يجمعنا معاً رغم اختلاف الأزمنة والظروف.
سالم خالد الرميضي
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.